كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه {والذين جاؤوا من بعدهم} الآية قال: أمروا بالاستغفار لهم، وقد علم ما أحدثوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية {والذين جاؤوا يقولون ربنا اغفر لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإِيمان}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أنه سمع رجلًا وهو يتناول بعض المهاجرين، فقرأ عليه {للفقراء المهاجرين} الآية، ثم قال: هؤلاء المهاجرون فمنهم أنت؟ قال: لا ثم قرأ عليه {والذين تبوّءُو الدار والإِيمان} الآية، ثم قال: هؤلاء الأنصار أفأنت منهم؟ قال: لا. ثم قرأ عليه {والذين جاؤوا من بعدهم} الآية، ثم قال: أفمن هؤلاء أنت؟ قال: أرجو. قال: لا ليس من هؤلاء من يسب هؤلاء.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عمر أنه بلغه أن رجلًا نال من عثمان، فدعاه فأقعده بين يديه، فقرأ عليه {للفقراء المهاجرين} الآية قال: من هؤلاء أنت؟ قال: لا. ثم قرأ {والذين جاؤوا من بعدهم} الآية، قال: من هؤلاء أنت؟ قال: أرجو أن أكون منهم. قال: لا والله ما يكون منهم من يتناولهم وكان في قلبه الغل عليهم.
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه قرأ {ربنا لا تجعل في قلوبنا غلًا للذين آمنوا}.
وأخرج الحكيم الترمذي والنسائي عن أنس رضي الله عنه قال: «بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يطلع الآن رجل من أهل الجنة فأطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته ماء من وضوئه، معلق نعليه في يده الشمال، فلما كان من الغد؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فاطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى، فلما كان من الغد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فأطلع ذلك الرجل، فلما قام الرجل أتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثًا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تحل يميني فعلت. قال: نعم، قال أنس: فكان عبد الله بن عمرو يحدث أنه بات معه ليلة فلم يره يقوم من الليل شيئًا غير أنه كان إذا تقلب على فراشه ذكر الله وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر فيسبغ الوضوء غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرًا، فلما مضت الليالي الثلاث وكدت احتقر عمله قلت: يا عبد الله إنه لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات في ثلاث مجالس يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فأطلعت أنت تلك المرات الثلاث، فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك، فإذا ما هو إلا ما رأيت فانصرفت عنه فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلاّ ما قد رأيت غير أني لا أجد في نفسي غلًا لأحد من المسلمين، ولا أحسده على خير أعطاه الله إياه، فقال له عبد الله بن عمرو: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق».
وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: «بلغنا أن رجلًا صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا الرجل من أهل الجنة. قال عبد الله بن عمرو: فأتيته فقلت: يا عماه الضيافة، قال نعم، فإذا له خيمة وشاة ونخل، فلما أمسى خرج من خيمته فاحتلب العنز واجتنى لي رطبًا ثم وضعه، فأكلت معه فبات نائمًا وبت قائمًا، وأصبح مفطرًا، وأصبحت صائمًا، ففعل ذلك ثلاث ليال، فقلت له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيك: إنك من أهل الجنة فأخبرني ما عملك؟ فائت الذي أخبرك حتى يخبرك بعملي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ائته فمره أن يخبرك فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تخبرني. قال: أما الآن فنعم فقال: لو كانت الدنيا لي فأخذت مني لم أحزن عليها، ولو أعطيتها لم أفرح بها وأبيت وليس في قلبي غل على أحد قال عبد الله: لكني والله أقوم الليل وأصوم النهار ولو وهبت لي شاة لفرحت بها، ولو ذهبت لحزنت عليها، والله لقد فضلك الله علينا فضلًا بينًا».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {ألم تر إلى الذين نافقوا} قال عبد الله بن أبيّ بن سلول ورفاعة بن تابوت وعبد الله بن نبتل وأوس بن قيظي وإخوانهم بنو النضير.
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس أن رهطًا من بني عوف بن الحارث منهم عبد الله بن أبيّ بن سلول ووديعة بن مالك وسويد وداعس بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لا نسلمكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف الله الرعب في قلوبهم، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم، ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإِبل من أموالهم إلا الحلقة، ففعل، فكان الرجل منهم يهدم بيته فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: قد أسلم ناس من أهل قريظة والنضير، وكان فيهم منافقون، وكانوا يقولون لأهل النضير: لئن أخرجتم لنخرجن معكم، فنزلت فيهم هذه الآية {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإِخوانهم} الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ألم تر إلى الذين نافقوا} قال: عبد الله بن أبيّ بن سلول ورفاعة بن تابوت وعبد الله بن نبتل وأوس بن قيظي {يقولون لإِخوانهم} قال: النضير {بأسهم بينهم شديد} قال: بالكلام {تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى} قال: المنافقون يخالف دينهم دين النضير {كمثل الذين من قبلهم قريبًا} قال: كفار قريش يوم بدر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى} قال: كذلك أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق {كمثل الذين من قبلهم قريبًا} قال: هم بنو النضير.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى} قال: هم المشركون.
وأخرج الديلمي عن علي قال: المؤمنون بعضهم لبعض نصحاء وادّون وإن افترقت منازلهم، والفجرة بعضهم لبعض غششة خونة وإن اجتمعت أبدانهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {كمثل الذين من قبلهم قريبًا} قال: هم كفار قريش يوم بدر. وأخرج عبد الرزاق عن قتادة {كمثل الذين من قبلهم قريبًا} قال: هم بنو النضير.
{كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15)}
أخرج عبد الرزاق وابن راهويه وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن علي بن أبي طالب أن رجلًا كان يتعبد في صومعة، وأن امرأة كان لها إخوة فعرض لها شيء، فأتوه بها، فزينت له نفسه فوقع عليها، فجاءه الشيطان فقال: اقتلها فإنهم إن ظهروا عليك افتضحت، فقتلها ودفنها، فجاؤوه فأخذوه، فذهبوا به، فبينما هم يمشون إذ جاءه الشيطان فقال: إني أنا الذي زينت لك فاسجد لي سجدة أنجيك، فسجد له، فذلك قوله: {كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان اكفر} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: {كمثل الشيطان} الآية، قال: كان راهب من بين إسرائيل يعبد الله فيحسن عبادته، وكان يؤتي من كل أرض فيسأل عن الفقه، وكان عالمًا، وإن ثلاثة إخوة لهم أخت حسناء من أحسن الناس، وإنهم أرادوا أن يسافروا، وكبر عليهم أن يدعوها ضائعة، فعمدوا إلى الراهب، فقالوا: إنا نريد السفر، وإنا لا نجد أحد أوثق في أنفسنا ولا آمن عندنا منك، فإن رأيت جعلنا أختنا عندك، فإنها شديدة الوجع، فإن ماتت، فقم عليها، وإن عاشت فأصلح إليها حتى ترجع، فقال: أكفيكم إن شاء الله، فقام عليها فداواها حتى برئت وعاد إليها حسنها، وإنه اطلع إليها فوجدها متصنعة، ولم يزل به الشيطان حتى وقع عليها فحملت، ثم ندمه الشيطان فزين له قتلها وقال: إن لم تفعل افتضحت وعرف أمرك، فلم يكن لك معذره، فلم يزل به حتى قتلها، فلما قدم إخوتها سألوه ما فعلت؟ قال: ماتت، فدفنتها. قالوا: أحسنت. فجعلوا يرون في المنام ويخبرون أن الراهب قتلها وأنها تحت شجرة كذا وكذا، وأنهم عمدوا إلى الشجرة فوجدها قد قتلت، فعمدوا إليه فأخذوه فقال الشيطان: أنا الذي زينت لك الزنا وزينت لك قتلها، فهل لك أن تطيعني وأنجيك؟ قال: نعم، قال: قال فاسجد لي سجدة واحدة فسجد له ثم قتل فذلك قول الله: {كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان اكفر} الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في هذه الآية قال: كانت امرأة ترعى الغنم وكان لها أربعة إخوة، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب فنزل الراهب ففجر بها، فأتاه الشيطان فقال: اقتلها ثم ادفنها، فإنك رجل مصدق يسمع قولك، فقتلها ثم دفنها، فأتى الشيطان إخوتها في المنام، فقال لهم: إن الراهب فجر بأختكم، فلما أحبلها قتلها ثم دفنها في مكان كذا وكذا، فلم أصبح قال رجل منهم: لقد رأيت البارحة كذا وكذا فقال الآخر: وأنا والله لقد رأيت كذلك فقال الآخر: وأنا والله لقد رأيت كذلك قالوا: فوالله ما هذا إلا لشيء، فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب فأتوه فأنزلوه، ثم انطلقوا به، فلقيه الشيطان فقال: إني أنا الذي أوقعتك في هذا، ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه، فسجد له فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه وأُخِذَ فقُتِل.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبيد بن رفاعة الدارمي يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان راهب في بني إسرائيل، فأخذ الشيطان جارية فخنقها فألقى في قلوب أهلها أن دواءها عند الراهب، فأتي بها الراهب، فأبى أن يقبلها، فلم يزالوا به حتى قبلها، فكانت عنده، فأتاه الشيطان فوسوس له وزين له، فلم يزل به حتى وقع عليها، فلما حملت وسوس له الشيطان فقال: الآن تفتضح يأتيك أهلها فاقتلها، فإن أتوك، فقل: ماتت، فقتلها ودفنها فأتى الشيطان أهلها فوسوس إليهم، وألقى في قلوبهم أنه أحبلها ثم قتلها، فأتاه أهلها فسألوه فقال: ماتت، فأخذوه فأتاه الشيطان فقال: أنا الذي ألقيت في قلوب أهلها، وأنا الذي أوقعتك في هذا فأطعني تنج واسجد لي سجدتين فسجد له سجدتين فهو الذي قال الله {كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان اكفر} الآية.
وأخرج ابن المنذر والخرائطي في اعتلال القلوب من طريق عدي بن ثابت عن ابن عباس في الآية قال: كان راهب في بني إسرائيل متعبدًا زمانًا حتى كان يؤتى بالمجانين فيقرأ عليهم ويعودهم حتى يبرؤوا فأتى بامرأة في شرف قد عرض لها الجنون، فجاء إخوتها إليه ليعوذها، فلم يزل به الشيطان يزين له حتى وقع عليها فحملت، فلما عظم بطنها لم يزل الشيطان يزين له حتى قتلها ودفنها في مكان، فجاء الشيطان في صورة رجل إلى بعض إخوتها فأخبره، فجعل الرجل يقول لأخيه: والله لقد أتاني آت فأخبرني بكذا وكذا حتى أفضى به بعضهم إلى بعض حتى رفعوه إلى ملكهم، فسار الملك والناس حتى استنزله فأقر واعترف فأمر به الملك فصلب، فأتاه الشيطان وهو على خشبته فقال: أنا الذي زينت لك، هذا وألقيتك فيه، فهل أنت مطيعي فيما آمرك به وأخلصك؟ قال: نعم. قال: فاسجد لي سجدة واحدة، فسجد له وكفر، فقتل في تلك الحال.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاووس قال: كان رجل من بني إسرائيل عابدًا وكان ربما داوى المجانين وكانت امرأة جميلة أخذها الجنون فجيء بها إليه فتركت عنده، فأعجبته، فوقع عليها، فحملت، فجاءه الشيطان، فقال: إن علم بهذا افتضحت فاقتلها وادفنها في بيتك، فقتلها فجاء أهلها بعد زمان يسألونه عنها، فقال: ماتت، فلم يتهموه لصلاحه فيهم ورضاه، فجاءهم الشيطان فقال: إنها لم تمت ولكنه وقع عليها فحملت فقتلها ودفنها في بيته في مكان كذا وكذا، فجاء أهلها فقالوا: ما نتهمك، ولكن أخبرنا أين دفنتها ومن كان معك ففتشوا بيته فوجدوها حيث دفنها، فأخذ فسجن، فجاءه الشيطان فقال: إن كنت تريد أن أخرجك مما أنت فيه فأكفر بالله، فأطاع الشيطان وكفر، فأخذ وقتل فتبرأ منه الشيطان حينئذ.
قال طاوس: فما أعلم إلا أن هذه الآية أنزلت فيه {كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان اكفر} الآية.